وزن الحامل مؤشر لسلامة الحمل
من أکثر الأمراض خطورة والتي تواجه الحامل في فترة حملها ما يسمي «بتسمم الحمل». فإذا ما عرفنا أن هذا المرض يمکن الوقاية منه إذا ما سجلنا وزن الحامل في أوقات منتظمة وقياس مدي الزيادة في وزنها .. فإننا ندرک من فورنا مدي أهمية مجرد هذا القياس المستمر والمنتظم لوزن الحامل .. ولعلنا بدورنا نتساءل لماذا يزداد وزن الحامل؟ .. إن وزن الحامل في نهاية شهور الحمل يزيد عن وزنها قبل الحمل بحوالي ١١ کيلو جرام وهي موزعة کالآتي :
١ ـ الجنين ، ويبلغ وزنه ما يزيد قليلاً عن ثلاثة کيلو جرامات .. إضافة إلي متعلقاته وهي : المشيمية ( الخلاص ) والسائل الأمينوس الذي يحيط بالجنين .. وبالتالي فإن وزن الجنين ومتعلقاته تبلغ حوالي خمسة کيلو جرامات.
٢ ـ الرحم ويبلغ وزنه الطبيعي حوالي ٧٥ جراماً إلا أنه يتضخم کثيراً أثناء الحمل حتي يصل وزنه في نهاية الحمل إلي أکثر من کيلو جرام.
٣ ـ تنشط غدد اللبن في الثديين أثناء الحمل استعداداً للرضاعة مما يؤدي إلي تضخمها وهذا يضيفه إلي وزن الحامل نصف کيلو جرام.
٤ ـ جسم الحامل نفسه يعتريه بعض التورم غير الملحوظ مما يکسبها زيادة في الوزن تبلغ
حوالي أربعة کيلو جرامات .. ويرجع ذلک لتأثيرات الهرمونات التي يطلقها المبيض وهي «البرجسترون» و «الأستروجين» إضافة إلي هرمون الغدة الفوق کلوية ( الکظرية ) المسمي «الدوسترون» .. وهذه الهرمونات تعمل علي احتباس الماء والأملاح في أنسجة الجسم.
فإذا حاولنا أن نرسم خطأ بيانياً للزيادة الطبيعية في وزن الحامل فإننا سنجد أن هذا الخط البياني لن يسجل شيئاً خلال الشهور الثلاثة الأولي من الحمل بمعني أن وزن الحامل في نهاية الشهر الثالث يکاد يساوي وزنها قبل الحمل .. ثم يبدأ هذا الخط البياني في الارتفاع بداية من الشهر الرابع فيزداد وزن الحامل ما يقل عن الکيلو جرامين قليلاً في نهاية الشهرالرابع ومثل ذلک في الشهر الخامس ، ثم يزداد وزن الحامل ما يزيد عن الکيلو جرامين قليلاً في الشهر السادس ومثل ذلک في الشهر السابع ، بينما يزداد وزن الحامل أکثر من کيلو جرام واحد بقليل في الشهر الثامن ومثل ذلک في الشهر التاسع من الحمل .. ومن ثم فإن مجموع هذه الزيادات يساوي ما يزيد قليلاً عن ١١ کيلو جرام وهو بأي حال لايجب إن يزيد عن ١٣ کيلو جرام.
ولکن ألا يؤثر وزن الجنين نقصاً علي هذه المعدلات؟ .. الحقيقة أن أوزان المواليد تتفاوت فقد يبلغ وزن المولود کيلو جرامين ونصف وحياناً يبلغ وزنه خمسة کيلو جرامات .. إلا أن ذلک لايؤثر في وزن الحامل علي مدار الشهور التسعة .. لماذا؟ لأن نمو الجنين يمضي هو الآخربمعدل تدريجي أي إن الزيادة في وزن الجنين تتزايد بانتظام علي مدار شهور الحمل وهذه الزيادة لايمکن أن تصل أبداً إلي ١ / ١٠ الکيلو جرام في الأسبوع الواحد .. بينما تستطيع أکلة واحدة من الفسيخ أن تسبب تورماً في جسم الحامل ، مما يؤدي إلي زيادة وزنها کيلو جرام في مدي أسبوع واحد.
إذن فالزيادة التدريجية بالمعدلات التي ذکرناها شيء طبيعي يحدث أثناء الحمل .. ولکن لماذا عن الزيادة غير طبيعية أو الزيادة الکبيرة في وزن الحامل؟ إن الزيادة غير طبيعية ترجع أساساً إلي تراکم الماء والأملاح في أنسجة الجسم مما يحدث ما يسمي بالتورم أو «الأوديما» .. والتورم قد يحدث في القدمين والساقين ولکن مع استمرار تراکم الماء والملح فإن هذا التورم يشمل أيضاً جدار البطن واليدين والوجه.
ومن المفيد هنا أن نذکر جسم الحامل للتورم يزداد في حالات تسمم الحمل ، وفي حالات التورم فإن کمية البول تقل .. وهناک ثلاثة علامات لتسمم الحمل .. أول هذه العلامات ظهوراً هو ارتفاع ضغط الدم ، ثم يليه ظهور الزلال في البول ، وأخيراً يبدأ جسم الحامل في الانتفاخ ويکون هذا دليلاً علي حدوث التورم ، وفي بعض الأحيان يکون التورم سابقاً علي ارتفاع ضغط الدم .. وعادة لايکون التورم واضحاً للعين إلابعد أن يتراکم في أنسجة الجسم مقدار کبير من الماء ومن هذه النقطة نلمس أهمية مقياس وزن الحامل بانتظام ؛ لأنه بکشف عن هذا التراکم قبل أن يظهر التورم فعلاً .. فکثيراً ما يزداد وزن الحامل بمعدل
نصف کيلو جرام کل أسبوع وهي زيادة طبيعية. وقد يقفز هذا الازدياد فجأة إلي ثلاثة کيلو جرامات أو أربعة في مدي أسبوعين دون أن يصاحب هذه الزيادة تورم ملحوظ وإنما قد تلاحظ الحامل أنها عندما تقبض أصابعها فإنها تشعر بشيء من الامتلاء في هذه الأصابع ، ولکن هذه الزيادة غير طبيعية في الوزن لو استمرت علي هذا المعدل لأسابيع متوالية فإن التورم يبدو واضحاً کما يبدأ ضغط الدم في الارتفاع .. إذن فإن مراقبة وزن الحامل يمکن أن يتنبأ مسبقاً بحدوث التورم فيما بعد وهذه الزيادة غير الطبيعية في الوزن مدعاة إلي اتخاذ الاحتياط اللازم لمواجهة هذه الحالة ، وهو الامتناع عن تناول الأطعمة التي تحتوي الملح والأطعمة الدسمة والنشويات والاقتصار علي اللحوم الحمراء والخضر والفاکهة .. إن ذلک وحداً من طرق الوقاية من التورم وتسمم الحمل.
ولايسعنا أن نترک هذا الموضوع دون أن نشير إلي ما يحدث لبعض الحوامل من نقصان في الوزن لازيادة ، ويکون ذلک عادة بسبب القيء الشديد ، وهي حالة مؤقتة تنتهي مع بداية الشهر الرابع من الحمل وعندها تزداد شهية الحامل للأکل ويبدأ وزنها في الازدياد .. کما أنه في حالات وفاة الجنين داخل الرحم يأخذ وزن الحامل في النقصان ويعود ذلک إلي توقف النشاط الهرموني الذي يصاحب الحمل .. فليس هناک جنين .. إذن ليس هناک هرمونات .. کما يتوقف نشاط غدد الثديين ؛ بل وأکثر من ذلک إن التورم ذاته يختفي .. لأن الحمل في حالة وفاة الجنين يعتبر من الناحية الطبية کأنه لم يکن.
هل يکون ارتفاع ضغط الدم عند الحامل دليل علي تسمم الحمل؟
لابد أن نميز هنا بين نوعين من ارتفاع ضغط الدم ، أولهما ارتفاع ضغط الدم بسبب الحمل وذلک ما يکون غالباً خلال الشهور الثلاثة من الحمل وهذا ما يسمي «بتسمم الحمل» ، أما النوع الثاني فإن ارتفاع ضغط الدم لدي الحامل يکون سابقاً لحدوث الحمل أي إن المرأة يکون ضغطها مرتفعاً فعلاً قبل أن تحمل وقد يعود ذلک إلي التهاب مزمن في الکلي مثلاً.
ومن المعروف أن الحمل الطبيعي لايرفع ضغط الحامل عن معدله الطبيعي وهو ١٢٠ / ٨٠ إلا أن تسمم الحمل وهي حالة تحدث بمعدلات کبيرة ففي کل خمسمائة حالة حمل تکون واحدة منهن مصابة بتسمم الحمل ، وهذا المرض يصيب في الغالب الحامل البکرية ( أي التي تحمل لأول مرة ) کما أن أعراض المرض المزمن لاتظهر غالباً قبل الشهر السادس من الحمل .. وکما قلنا فإن ارتفاع ضغط الدم لدي الحامل خاصة أثناء الشهور الثلاثة الأخيرة من الحمل هو أول ـ إن لم يکن أهم ـ عرض لتسمم الحمل إضافة إلي التورم وظهور الزلال في البول کما قلنا من قبل ، والتورم وحده أمراً طبيعياً طالما لم يصاحبه ارتفاع في ضغط الدم .. إلا أننا نعود لنکرر أن ارتفاع في الضغط طارثاً علي الحمل في شهوره الأخيرة ، فإذا کان هذا الارتفاع في
الضغط موجوداً قبل ابتداء الحمل فلا يعتبر ذلک تسمماً في الحمل.
والآن تري ما هي الکيفية التي تمکِّن الحامل من اتقاء هذه الأعراض؟
بداية لابد أن تکون هناک مراقبة منتظمة للحامل خلال شهور الحمل يتم فيها قياس الضغط والوزن وتحليل البول. إن هذه المراقبة المنتظمة هامة جداً في کشف أي مرض مبکر قبل استفحاله ومن ثَمَّ معالجته ببساطة .. الأمر الثاني في الوقاية يمکن في الغذاء فيجب علي الحامل أن تقلل من استعمال ملح الطعام في الأکل عند ملاحظة ظهورالتورم ، في هذه الحالة يمکنها الاستعاضة عن الملح بالخل أو الليمون ، کما أنه قد ثبت خطأ الظن القائل بأن الحامل التي تعاني من التورم وارتفاع ضغط الدم ، عليها أن تقلل من تناول اللحوم وبقية الأطعمة الزلالية في طعامها فعلي العکس تماماً علي الحامل أن تکثر من تناول اللحوم والکبد والکلاوي وغير ذلک من الأطعمة التي تحتوي علي البروتينات إضافة إلي الإکثار من تناول الخضروات والفاکهة لما فيها من عناصر معدنية وفيتامينات ذات أهمية کبيرة في معالجة تسمم الحمل .. والشيء الهام هنا في الوقاية من أعراض تسمم الحمل هي راحة الحامل .. فعلي الحامل ملازمة الفراش بقدر الإمکان والتخلي عن مجهود شاق بل وأيضاً أعباء المنزل ومسؤولياته. ويمکننا هنا أن نذکر الأعراض التي تنذر بوجود ارتفاع في ضغط الدم والتي تشير إلي بدايات إصابة الحامل بتسمم الحمل .. هذه الأعراض تتحدد في نقص أو امتناع البول وصداع شديد يصيب مؤخرة أو مقدمة الرأس إضافة إلي ألم في أعلي البطن وقيء وأخيراً زغللة أو ازدواج في المرئيات .. إن هذه الأعراض کلها نذر خطرة تحتاج إلي تدخل طبي سريع.